وفاء بالوعد الزمني وموعده الإبداعي وعده الذي يصل إلى 28 سنة، تنطلق اليوم الاثنين 11 يوليوز 2016، في الساعة السادسة والنصف مساء بالمركب الثقافي مولاي رشيد، حفل افتتاح المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء، والذي ستتواصل فعالياته إلى 16 يوليوز 2016، عبر فضاءات موزعة على مدينة الدار البيضاء، بدء من حي مولاي رشيد وسيدي عثمان وبورنازيل والأحياء القريبة منه الحي المحمدي ومحيطه، وذلك بالمركب الثقافي مولاي رشيد، تم مسرح سيدي بليوط في وسط المدينة الذي يحقق التواصل مع المدينة القديمة وأنفا وباقي أحياء البيضاء والأحياء التي تتواصل مع الوسط، وبمسرح المعهد الفرنسي بشارع الزرقطوني المفضي إلى حي بوركون عبر شوارعه وفضاءاته المتعددة والمستقبل لشباب درب السلطان وباقي دروبه وجغرافيته، كما ينفتح المهرجان على استوديو الفنون الحية بشارع أزمور بالحي الحسني وأحيائه الصغيرة والكبيرة، والانفتاح على سيدي مومن وأناسي ومحيطهما بالمركب الثقافي الغالي برادة، مع الحضور الرمزي لفضاء حي البركة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الكلية التي أطلقت شعاع هذا الحدث الثقافي البيضاوي والمغربي والدولي، وهي الفضاء الذي ستقام فيه الورشات التكوينية والندوة المحورية مع تيمة الصمت، مع استحضار إقامة المهرجانيين بفندق الدار البيضاء الذي ستقام فيه مناقاشات ليلية للعروض المسرحية.
اختار المهرجان الدولي للمسرح الجامعي منذ تأسيسه تيمة مركزية ميزته على كل التجارب التي تمارس فعل المسرح، بحيث ارتبط هذا المهرجان بالشباب في أزهى مرحلة من عمر الشباب وهي مرحلة التكوين الأكاديمي والتكوين المعد للحياة، لذا وتطبيقا لشعاره المؤسس تلاقح وحوار شبيبة العالم، يتواصل المهرجان عبر كل دورة من دوراته بالشباب عبر المعمور، ويضيف في كل دورة محورا وشعارا للاسهام في تثبيت هذا الصرح الذي أغنى وأتبث إضافته النوعية من خلال ما حقق ويحقق من ترسيخ ثقافة التواصل والتسامح والتلاقح والحوار، وتأسيس الديبلوماسية الثقافية الموازية. من الأكيد أن الشباب الذي حضر الدورات الأولى من المهرجان وكان عمره بين 18 و 20 سنة هو الآن في عمره 48 سنة ومايزيد ومن الأكيد أنهم أصبحوا آباء و أمهات ولديهم الآن أطفالا سيرسلون لهم ما تلقوه من عمق إنساني وتكويني من خلال تجربة المسرح الجامعي للدار البيضاء، ومن الأكيد أن شباب الأمس هم الآن في معترك الحياة المهنية وقيادة الشأن العام والشأن المحلي وتفعيله داخل مجتمعاتها، ومن هؤلاء الشباب من سار على درب الفن والثقافة ممارسة وإدارة وقيادة وتدبيرا وتسييرا وفعلا احتفائيا ومن الأكيد أنهم يعترفون بإسهام المسرح الجامعي في تكوينهم وحضوره في ذاكرتهم ولما لا في تخطيطهم ونهجهم الحياتي.
ساهم المسرح الجامعي بشكل كبير في التحولات التي عرفها المسرح المواكب لتطورات المجتمعات، وكان حاضرا فيها وواعيا بها بل وفاعلا بحكم ميلاده الذي تزامن مع مرحلة حاسمة فنيا وتقنيا وإيديولوجيا، ومن تم ترسخت تجربته وعاش شبابه المستمر في الزمان والمكان لأن إكسير حياته استمده من الشباب.
ساهم المسرح الجامعي للدار البيضاء، في ميلاد مهرجانات وطنية ودولية، منها المرتبطة بالجامعة ومنها المستقلة عنها، وتأسس هذا الفعل في باقي الدول العربية والدولية، كما ساهم المهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء في ميلاد مهرجانات أخرى موازية أسستها فعاليات تعتبر خريجة هذا المهرجان.
تأتي اليوم الدورة 28 بشعار مركزي: "المسرح والمجتمع: صمت نحو انطلاق جديد"، فحينما نلاقي المسرح بالمجتمع فإننا نمضي مباشرة إلى الملامسة العميقة لحضور المسرح في المجتمع وحضور المجتمع في المسرح، ولهذا السبب قيل عن المجتمع أنه مسرح كبير وقيل عن المسرح هو مجتمع مختزل، لذا تعتبر علاقة المسرح والمجتمع بالصمت، علاقة كينونة وسكون وإنصات وتدبر وتصوف وتدين وديدن وغوص في عمق المسرح والمجتمع، نحو انطلاقة جديدة للمسرح مع المجتمع، ولربما هي إشراقة تطلعية وطليعية للمشروع الجهوية المتقدمة والموسعة، وللهيكلة التي انخرطت فيها كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة الحسن الثاني للدار البيضاء، وانطلاقة جديدة للمجتمع الجديد والمتجدد في المسرح.
يستحضر البعد من الشعار، انطلاق جديد للمهرجان ليجدد ذاته كما اعتاد وليذكر ذاكرته بأفق الانتظار سيما والعد لتتمة العقد الثالث يدق الأبواب، وموعدنا الدورة 29 من المهرجان في السنة المقبلة، وكل مهرجان والبيضاء تحتفي بمسرحها ومحيطها المحلي والجهوي والوطني والدولي.
هي دعوة صريحة أدبية وفكرية، من المهرجان إلى كل البيضاويين وضيوف البيضاء وعشاق المسرح والمجتمع، أن يكتشفوا معنا سر الصمت لغة وإبداعا وفنا وتوصلا إنسانيا، يغطي كل البيضاء من 11 إلى 16 يوليوز 2016.
تعليقات:
